محتويات
التوبة من المعلوم أنّ الخطأ، وارتكاب الذنب من صفات الإنسان، إلاأنه مهمّا كان حجم ما ارتكبه، لا بدّ له من الرجوع عنه بأقصى سرعة، واستدراك الأمر، حتى لا يقع عليه غضب الله، وعقابه، فكانت التوبة هي فرصة الإنسان للعدول عن فعله، لأنّ التوبة هي العودة الى الله تعالى، والتزام فعل ما أمر به، والبعد عن ما نهى عنه، لأنّ الله كريمٌ، رحيم، فلا ييأس المؤمن من رحمته، وعليه أن يسارع بالتوبة، مهمّا كان عظم، وكبر ذنوبه.
حُكم التوبة
التوبة واجبة، حيث قال الله تعالى (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا)[التحريم: 8] ولا يجوز تأخير التوبة؛ لأيّ سبب من الأسباب، فيجب المبادرة إليها، وعدم المماطلة فيها، فتأجليها من مصائد الشيطان، ليبقى المذنب عالقاً في حبائله.
أهمية التوبة
أمر الله العبد باتباع الصراط المستقيم، ولكن قد ينحرف في بعض الأحيان، حيث تتّصف طبيعة البشر بالضعف، والميل للهوى، والطريق الوحيد للعودة إلى الصواب هي طريق التوبة، ومن فضائل التوبة:
- زيادة محبّة الله للتائبين.
- التكفير عن خطايا التائب، ومغفرة ذنوبه.
- فرح الله تعالى بتوبتة عبده.
شروط التوبة
- ترك المعصية، فيجب على من يشرب الخمر، أن يترك شربها بشكل مطلق، حتى تُقبل توبته، وكذلك على الزاني أن يترك الزنا، أمّا قول "أستغفر الله" وهو ما يزال يفعل فعلته، فليست هذه بتوبة.
- عقد نية عدم الرجوع لمّا كان يفعله الإنسان من معصية، بمعنى أن ينوي في قلبه عدم العودة للمعصية التي يريد التوبة عن فعلها، فإذا حصل ذلك، وتاب، وعاد إلى نفس فعلته، حينئذ تُكتب عليه هذه المعصية الجديدة، لكن لا تكتب عليه المعصية القديمة التي تاب عنها توبةً صحيحة.
- الشعور بالندم على ما بدر منه من معصية، فقال عليه الصلاة والسلام: (الندم توبة)[مسند أحمد].
- ردّ الحقوق إلى أصحابها، إذا كانت المعصية تتعلّق بحقّ إنسان آخر، كالضرب، وإلقاء الشتائم، أو أكل مال أحد ظلماً، فيجب الخروج من هذه المعصية، وذلك عن طريق ردّ هذا المال، أو طلب الرضا من المظلوم؛ قال النبي عليه الصلاة والسلام: (مَن كانت لِأَخِيه عنده مَظْلِمَةٌ من عِرْضٍ أو مالٍ ، فَلْيَتَحَلَّلْه اليومَ ، قبل أن يُؤْخَذَ منه يومَ لا دينارَ ولا دِرْهَمَ)[صحيح الجامع].
- حدوث التوبة قبل الغرغرة، والمقصود بالغرغرة بلوغ الروح الحلقوم، فمن وصل إلى حدّ الغرغرة، لا تقبل منه توبة، فإن كان مستمراً على الكفر، وأراد العودة إلى الإسلام، لا تقبل منه التوبة، وإذا كان من الفاسقين، وأراد التوبة لا يقبل منه أيضاً، حيث ورد في الحديث الشريف عن رسول الله: (إنّ الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر)[سنن الترمذي] ومن شروطها أيضاً أن تكون قبل الاستئصال، فلا تقبل التوبة لمن أدركه الغرق، مثل فرعون الملعون.
- مراعاة وقت حدوث التوبة الصحيحة، حيث يُشترط أن تكون قبل طلوع الشمس من مغربها، لمّا جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام (فتح اللهُ بابًا للتوبةِ من المغربِ ، عَرضُه مسيرةُ سبعين عامًا ، لا يُغلَقُ حتى تطلعَ الشمسُ من نحوه)[صحيح الجامع] وقوله عليه الصلاة والسلام أيضاً: (من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها، تاب الله عليه)[صحيح مسلم].